خاص برايفت ماغازين - رئيس بلدية برج البراجنة الأستاذ عاطف منصور: نعمل المستحيل ... وإرادتنا صلبة
هو «الريس» الوحيد الذي لا يُحسد على موقعه! فمسؤوليّاته أكبر من كبيرة والمهام الملقاة على كتفيه أكثر من معقدة! فهو رئيس بلديّة بلدة تحوّلت خلال فترة زمنيّة قصيرة، وعن غير قصدٍ ربما، إلى مدينة مُكتظة تضمّ كتلاً بشرية ضخمة بحاجة إلى جميع أنواع الخدمات والرعاية بظلّ تقاعص فاضحٍ للدولة وأجهزتها الرسميّة. ففي برج البراجنة لا يمكن تصوّر حجم العمل الإنمائي المطلوب فيما إمكانيّات البلديّة تبقى بطبيعة الحال متواضعة جداً! غير ان رئيس البلدية المحامي الأستاذ عاطف منصور يرفض الإستسلام ولا ينكسر أمام الصعوبات والتحديّات مهما بلغ حجمها، فإذ به يطلق ورشة عمل تنموية شاملة مثبتّاً الخطوات الأولى في مسيرة الإنماء التي أرادها عنواناً أساسيّاً ووحيداً لولايته البلديّة. أسرة مجلتنا أجرت لقاءً شاملاً مع الأستاذ منصور تناول آخر التطورات التي تشهدها برج البراجنة بالإضافة إلى آخر المشاريع الإنمائية المنجزة في ضوء النشاط الدائم والحركة البارزة التي تطبع الدار البلدي، وفي ما يلي أبرز ما دار في اللقاء.
نشقّ طريقنا نحو الإنماء
- في البداية، كيف تطوّرت برج البراجنة لتصبح على ما هي اليوم؟
برج البراجنة كانت قديماً عبارة عن بلدة زراعيّة، حيث كانت تغذي بيروت بمنتوجاتها المتنوّعة علماً بأنّ مساحتها كبيرة نسبياً تقارب الـ 4.7 هكتاراً فيما عدد سكانها كان قليلاً جدّاً لم يتجاوز الـ 17 أو الـ 20 ألف نسمة. خلال السنوات الخمسين الماضية تحوّلت هذه البلدة من مجتمعٍ زراعي إلى مدنية فعليّة، بحيث تضاعف عدد الأهالي وبات يقارب الـ 47 ألف نسمة مسجلّين في نفوس برج البراجنة، فيما عدد المقيمين يتخطّى الـ 400 ألف نسمة أيّ 8 % من سكان لبنان، وهو رقمٌ كبيرٌ ومفاجئ، أمّا أسباب هذا الإكتظاظ فهي تعود إلى النزوح الذي حصل من الأرياف ومن البقاع والجنوب جرّاء العدوان الإسرائيلي المتكرّر على لبنان وغيرها من الأسباب.
بالفعل فقد تطوّر الناس مع مرور الزمن واستقروا في برج البراجنة حتى تحوّلت هذه الأخيرة من مجتمعٍ زراعي إلى مدنية مكتملة المواصفات. وبطبيعة الحال، فإن هذا العدد الهائل من الناس بحاجة إلى رعاية واهتمام دائمين بالإضافة إلى خدمات ومشاريع إنمائيّة، فنحن كبلديّة لا نميّز بين مقيمين وأهالي، بل نتعاطى مع الجميع من منطلق إنساني صرف، بغض النظر عن الطائفة أو المذهب أو الانتماء الحزبي.
لقد عملنا، كما المجالس السابقة، على تقديم الكثير من الخدمات كما أننا نقوم بالعديد من المشاريع من أجل تحسين أوضاع المنطقة لأن الناس بحاجة فعلاً إلى تقديمات متنوّعة، فلا مبالغة في القول بأن متطلبات هذه المدينة لا توصف، اذ هي بحاجة إلى الكثير الكثير والدولة اللبنانيّة بأجهزتها ومؤسساتها الرسميّة غائبة إلى حدّ بعيد ولا تقوم بالدور المطلوب منها، فيما إمكانياتنا الماديّة كبلديّة تبقى متواضعة جدّاً. من هنا، ندعو الدولة إلى لعب دورها وتقديم الرعاية اللازمة لهذه المنطقة المكتظة بالناس.
- كيف تتعاطون مع هذا الوضع إذن؟
في الحقيقة نحن نعمل المستحيل، وما يساعدنا في هذا المجال هو الإرادة الصلبة التي يتمتّع بها المجلس البلدي وأيضاً الأحزاب الموجودة في المنطقة، بحيث تعمد هذه الأخيرة إلى تقديم المساعدات بالتعاون مع البلديّة، كما ان إتحاد البلديّات الذي يضمّ الغبيري وحارة حريك والمريجة والبرج، أيضاً يساهم في تقديم المساعدات من خلال الدعم الذي يلقاه من المنظمات والمؤسسات الدولية، فمن خلال دعمهم المالي نستطيع تنفيذ بعض الأعمال الأساسيّة، اذ أننا كبلديّة نقف عاجزين عن تنفيذ كلّ المشاريع الحيوية التي تحتاجها المنطقة.
- ماذا عن إيرادات البلدية، كيف تقيّمونها؟
هناك مصدران أساسيّان لإيرادات البلديّات بشكلٍ عام وهما الجباية وتراخيض البناء بالإضافة طبعاً إلى الإعلانات، بالنسبة لبرج البراجنة فإن نسبة الجباية ضئيلة جدّاّ لا تتعدّى الـ 24 % رغم الإكتظاظ السكاني، إذ يوجد أكثر من مئة ألف من سكان الأوزاعي على سبيل المثال، يعتبرون أن إقامتهم هنا غير دائمة وقد أتت نتيجة حروبٍ وظروفٍ قاسية وبالتالي يجدون أنفسهم غير مضطرين لدفع الرسوم المتوجبّة عليهم، فيما نحن نواجه هذا الموضوع عبر تعزيز مساعداتنا لهؤلاء حتى ندفعهم للتجاوب معنا، مع الإشارة إلى أن 70% من المبالغ الماليّة تخصص لمشاريع إنمائيّة في تلك المنطقة ومنطقة الرمل العالي. من هنا، نحن نسعى إلى تغيير هذه الثقافة المنتشرة بين الناس، علماً بأنّ الاحزاب تلعب دوراً إيجابيّاً في هذا المجال من خلال المجتمعات المدنية والمحليّة. واليوم نستطيع القول بأن الأمور تتحسن تدريجيّاً.
أمّا بالنسبة إلى تراخيص البناء، فعددها تراجع كثيراً في الفترة الأخيرة نتيجة التضخم الحاصل في البلاد ومشكلة الإسكان.. بإختصار تعددت الأسباب والموت واحداً. إن كلّ هذه الأوضاع تؤثر في عملنا، إنما ذلك لا ينفي أنّنا نشقّ طريقنا نحو الإنماء. وبالفعل هنالك كم هائل من المشاريع والأعمال الحيوية التي نفذت خلال السنوات الثلاث الماضية من مدّ شبكات صرف صحي إلى مدّ شبكات مياه إلى حملات تشجير ونظافة... فنحن نخطو خطوات كبيرة نحو الأهداف المنشودة.
- ألا تكفيكم عائدات الصندوق البلدي المستقلّ؟
العائدات بطبيعة الحال تبقى غير كافية ولا تؤمن تغطية لكافة المشاريع الحيوية، بل أننا وقعنا في مشكلة بسبب سلسلة الرتب والرواتب وما ترتّب عنها من مفاعيل.
- ما الذي دفعكم لخوض تجربة الشأن العام؟
إنّها ثقافة أعتزّ بها وليست جديدة بالنسبة لي، إذ كانت لي تجربة بلديّة سابقة في العام 1998، بعدها غبت لفترة لكنني عدت للعمل العام.
- ما هي برأيكم مواصفات رئيس البلدية الناجح؟
برأيي أن أهمّ صفة هي التواضع، فعلى رئيس البلديّة أن يكون متواضعاً وأن يفتح بابه أمام جميع الناس، وهذه سياسة أعتمدها حيث لا أميّز بين إنسان وآخر، فهذا هو شعاري وهذه هي تربيتي وثقافتي.
- هل من دعمٍ سياسي؟
نعم، الأحزاب السياسية الموجودة في المنطقة تدعمني على وجه الخصوص حزب الله وحركة أمل، مع الإشارة إلى ان علاقة صداقة تربطني مع الجميع حيث أتواصل مع مختلف الأطراف من دون تفرقة أو تمييز. فالعمل البلدي هو عمل إنمائي لا علاقة له بالسياسة، على إعتبار ان المشاكل البيئية والحياتية لا تفرّق بين طائفة ومذهب وحزب.
- كيف هي الأجواء داخل المجلس البلدي؟
بلديّتنا تتألف من 21 عضواً، وهي تعدّ من البلديّات الكبرى التي تخضع لرقابة ديوان المحاسبة، وأستطيع التأكيد لكم بأننا عائلة واحدة والقرارات كافة تتخذ بإجماع الأعضاء. تسود المجلس أجواء ديمقراطية وهذا ما يساهم في نجاح عملنا، فجميعنا نعمل لهدفٍ واحدٍ ألا وهو إنماء هذه المنطقة التي هي فعلاً بحاجة إلى عناية دقيقة.
- ما هي أبرز الأعمال والمشاريع التي تمّ تنفيذها؟
كما ذكرت لقد تمّ تنفيذ سلسلة مشاريع حيوية سواء على مستوى شبكة الصرف الصحي والمجاري وأقنية مياه الشتاء أو على مستوى النظافة حيث قمنا بالتعاقد مع شركة «سيتي بلو» لتقوم برفع النفايات على مدار الساعة لتفادي أي أزمة من هذا النوع، هذا وقمنا بتخصيص فريق عمل بلدي لمواكبة أعمال الشركة، مع الإشارة إلى أننا نسعى إلى نشر ثقافة المحافظة على نظافة الشوارع عند الناس الذين يظهرون تجاوباً مشكوراً معنا.
أما على الصعيد الإجتماعي، فنحن لدينا في البلديّة قسمٌ إجتماعي يقدم مساعدات شهريّة للمحتاجين، بالإضافة إلى لجان ثقافية وإعلامية تقوم بإعداد دورات تدريبية للأهالي بهدف نشر الوعي وتعزيز التواصل. وكذلك نحن بصدد بناء مشروع دارٍ خاص للمسنين، مع الإشارة إلى انه يوجد في البرج مركز رعاية صحيّة يستقبل أكثر من 300 ألف حالة لقاء بدل مالي رمزي جدّاً، حتى أن 90% من الأدوية يتم تقديمها مجّاناً. بالإضافة إلى ذلك، توجد في البلديّة مفرزة صحية للكشف على الملاحم والأفران والمصانع، بإختصار نحن في هذه البلديّة عبارة عن خليّة نحل لا تهدأ لمواكبة وملاحقة كافة القضايا والأمور التي تتعلق بتسهيل حياة الناس اليوميّة.
- ما هو الوضع بالنسبة إلى النازحين السوريين، هل من مشاكل على هذا الصعيد؟
لا مشكلة مع النازحين السوريين علماً ان عددهم يقارب الـ 24 ألفاً حسب دراسات الامم المتحدة، مع الإشارة إلى ان القسم الأكبر منهم يقيم في مخيم الفلسطينيين، فيما الآخرين يعيشون بأمان وسلام بيننا، وأنا عقدت سلسلة إجتماعات مع التجار اللبنانيين والسوريين للحدّ من النفور بين الطرفين على خلفية المضاربة في السوق، على أمل أن يعود هؤلاء إلى بلادهم في أقرب فرصة ممكنة.
- هل من كلمة أخيرة؟
نحن نشكركم، ونشكر الإعلام الذي يسلط الضوء على البلديات الناشطة والمتقدمة، نحن نأمل أن نلبّي ولو بجزءٍ بسيط طموحات المواطنين الكبيرة وآمالهم، حتى نستطيع أن نكون أهلاً للثقة التي منحونا إيّاها.
- Log in to post comments
- 3690 reads